responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 276
بَابٌ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَصَلَاةُ الْخُسُوفِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ

إذَا خَسَفَتْ الشَّمْسُ خَرَجَ الْإِمَامُ إلَى الْمَسْجِدِ فَافْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِالنَّاسِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ ثُمَّ قَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً سِرًّا بِنَحْوِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ يَرْكَعُ رُكُوعًا طَوِيلًا نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (بَابٌ فِي) صِفَةِ وَحُكْمِ (صَلَاةِ الْخُسُوفِ) لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَهُمَا فِي بَابٍ وَاحِدٍ، وَيُقَالُ الْكُسُوفُ بَدَلُ الْخُسُوفِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ أَوْ مُتَبَايِنَانِ، فَعَلَى التَّرَادُفِ مَعْنَاهُمَا ذَهَابُ الضَّوْءِ مِنْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَعَلَى التَّبَايُنِ قِيلَ وَهُوَ الْأَجْوَدُ الْكُسُوفُ التَّغَيُّرُ وَالْخُسُوفُ الذَّهَابُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ الْأَوَّلُ وَهُوَ ذَهَابُ ضَوْئِهِمَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ الذَّاهِبُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُهُ إلَّا الْحَاذِقُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَلَا يَصِلُ لَهُ لَتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ.
وَسَبَبُ خُسُوفِ الشَّمْسِ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ: مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَرَادَ أَنْ يُخَوِّفَ عِبَادَهُ وَيُظْهِرَ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ عَظَمَتِهِ وَسُلْطَانِهِ فَتَقَعُ الشَّمْسُ فِي الْبَحْرِ الْمَكْفُوفِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَقَطَتْ كُلُّهَا غَابَتْ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا غَابَ ذَلِكَ الْبَعْضُ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَائِبَ مِنْ الضَّوْءِ بِقَدْرِ السَّاقِطِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْخُسُوفُ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ وَلِذَلِكَ أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ عِنْدَ ذَلِكَ رَجَاءً لِظُهُورِ الضَّوْءِ، وَبَدَأَ بِبَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ بِقَوْلِهِ: (وَصَلَاةُ الْخُسُوفِ) لِلشَّمْسِ (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ يُخَاطَبُ بِهَا كُلُّ مَنْ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ وَلَوْ نَدْبًا، فَتُخَاطَبُ بِهَا النِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ وَالْمُسَافِرُ وَالْحَاضِرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَتُصَلِّيهَا الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ غَيْرُ شَرْطٍ فِيهَا بَلْ مُسْتَحَبَّةٌ لِلرِّجَالِ فِي الْمَسَاجِدِ.
قَالَ خَلِيلٌ: سُنَّ وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ وَمُسَافِرٍ لَمْ يَجِدَّ سَيْرَهُ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ رَكْعَتَانِ سِرًّا بِزِيَادَةِ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ، دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى: {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} [فصلت: 37] قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا صَلَاةَ خُسُوفِ الشَّمْسِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا عِبَادَةَ اللَّهِ دُونَ عِبَادَتِهِمَا، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا فِي الْحَدِيثِ: «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ» وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَدْ قَالَ الْقَرَافِيُّ: أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا دُونَ صِفَتِهَا، وَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ: مَنْ جَحَدَهَا فَهُوَ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ اهـ، وَأَقُولُ: لِي فِي قَوْلِهِ مَنْ جَحَدَهَا يُقْتَلُ إنْ لَمْ يَتُبْ بَحْثٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ جَاحِدَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ لَا يُقْتَلُ إلَّا إذَا عَرَفَهُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ.
قَالَ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ:
وَمَنْ لِمَعْلُومٍ ضَرُورَةٍ جَحَدْ ... مِنْ دِينِنَا يُقْتَلْ كُفْرًا لَيْسَ حَدْ
وَصَلَاةُ الْكُسُوفِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ إذْ لَمْ يَعْرِفْهَا إلَّا الْعَالِمُ، فَلَعَلَّ كَلَامَ الْأَقْفَهْسِيِّ مِنْ بَابِ الْمُبَالَغَةِ،

[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]
ثُمَّ بَيَّنَ صِفَتَهَا بِقَوْلِهِ: (إذَا خَسَفَتْ الشَّمْسُ) بِمَعْنَى ذَهَبَ ضَوْءُهَا وَلَوْ الْبَعْضُ إلَّا مَا قَلَّ جِدًّا كَمَا قَدَّمْنَا (خَرَجَ الْإِمَامُ) نَدْبًا (إلَى الْمَسْجِدِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُرْوَ أَنَّهُ خَرَجَ لِصَلَاتِهَا فِي الْمُصَلَّى بِمَعْنَى الصَّحْرَاءِ، بِخِلَافِ الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ فَالْمُسْتَحَبُّ فِعْلُهُمَا فِي الصَّحْرَاءِ لِكَثْرَةِ الْحَاضِرِينَ لِفِعْلِهَا، بِخِلَافِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَوَقْتُ صَلَاةِ الْجَمِيعِ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ إلَى الزَّوَالِ، فَلَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ مَكْسُوفَةً انْتَظَرَ بِفِعْلِهَا حِلَّ النَّافِلَةِ، وَلَوْ كَسَفَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ يُصَلِّ لَهَا، كَمَا لَا يُصَلِّي الْعِيدَ وَالِاسْتِسْقَاءَ بَعْدَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ الْأَوْقَاتِ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْفَرَائِضِ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ فَهُوَ لِلسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ. (فَافْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِالنَّاسِ) ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ مُسْتَحَبَّةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَنْوِي الْإِمَامُ وَالنَّاسُ سُنَّةَ الْكُسُوفِ، وَلَا حَدَّ فِي جَمَاعَةِ الْكُسُوفِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَيَفْتَتِحُهَا الْإِمَامُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ فِي وَقْتِ حِلِّ النَّافِلَةِ (بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَعَائِرِ الْفَرَائِضِ، لَكِنْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست